top of page

مقالات.أدب

مؤامرة كونية أم توافق مصالح ؟ 

بقلم : مصعب الأحمد بن أحمد 

IMG-20241001-WA0072_edited.jpg
Image by Studio Republic

سقب

3.1.2025

في جلسة حوارية مع أحدهم  ضمنا مع بعض الصحفيين ، تكلم أحدهم عن المؤامرات الغربية التي تحاك ضد العرب والمنطقة وخاصة سوريا وراح يتكلم عن الماسونية والدول للعميقة وسيطرة اللوبي الصه.يوني على مراكز صنع القرار في امريكا وبريطانيا وفرنسا وتوجيه كل المؤامرات . 
فقلت : نعم ثمة في جمع العواصم الكبرى مؤسسات للتخطيط السياسي والاقتصادي، شيء اصطلح على تسميته في الغرب بـ (THINK TANKS) مهمتها استشراف مستقبل الدول ازاء المتغيرات الحاصلة دوماً في العالم، تعتمد على معلومات دقيقة وأبحاث رصينة علمية، وإحصاءات رقمية ومراقبة إعلامية واستماع مستمر لمجريات الأمور فيها. فتعد هذه المؤسسات تقارير عن أوضاع هذه الدول باستمرار، تطرح فيها دائماً إمكانية التغيير في الأنظمة وقضايا الخلافات على التركة السياسية للحكام والخروج من تحالفات معينة والدخول في تحالفات جديدة والتعديلات الممكنة في الحدود. إلى جانب الأوضاع الاقتصادية والمالية لهذه الدول وتوازن القوى الاجتماعية المتصارعة فيها. كما تدرس القوى المعارضة داخل كل دولة، ومن هم حلفاء النظام ومن هم أعداؤه فتعد عدة سيناريوهات، قابلة لكل الاحتمالات.
هذا يا اعزائي علم التخطيط السياسي، الذي لم يتقنه العرب . 
لذلك تعقد بانتظام الندوات والمؤتمرات والحلقات في الجامعات ومراكز البحوث توصلا إلى استشراف المستقبل السياسي والاقتصادي لكل بلد من بلدان العالم، فتوضع الخطط والخطط البديلة، تحسباً لأي احتمال وخروج عن المألوف أو انفراط العقد الناظم .. 

إذا فالاوربيون والأمريكيون ليسوا حثالة متآمرين فحسب . 
إنهم من أصحاب العقول والفكر والخبرة ، كل في مجاله،يفكرون ويخططون جيدا ويدرسون كافة التطورات الممكنة، في أجواء عملية بعيدة عن الأوهام والسذاجة ، يضعون خطط تحاول التوفيق بين الممكن والمستحيل لما فيه مصلحة بلادهم .. 
الزعماء والسياسيين العرب ما زالوا يفاجأون بهذه التقارير والمعلومات الواردة عن تلك المراكز ، فيعتبرونها مؤامرة، لأنهم لم يعترفوا بعد بعلم السياسة بالشكل والطريقة اللذين نمارسه بهما في بلدان الغرب . ولأنهم لا يملكون مؤسسات شبيهة، ولا أنظمة تبيح هذا النوع من التفكير والبحث والتخطيط، فمن السهل عليهم تكذيبها واعتبارها عملية تآمرية ضدهم. كل ما يفعله الغربيون ، عبر هذه المؤسسات والمراكز، انهم يحفظون دائماً مصالحهم عبر كل الاحتمالات الممكنة ودفعها في هذا الاتجاه. فاذا التقت مصلحتهم  مع المصلحة العربية، كان الأمر مفيداً للطرفين. 
أما إذا لم تلتقيا، فمصلحة الغرب هي الأساس لذلك يعتبر العرب أو الصينيين والهنود والمالييزيين - وغيرهم أن تغليب مصلحتنا على مصلحتهم نوع من التأمر.. 
الموضوع اذا موضوع مصالح لا غير .. 
نحن الذين يعد فقه المصالح في ديننا ركنا أساسيا من أركان التشريع ، ولكننا لا نتقنه في فقه العلم السياسي ، ولا نطبقه في العلاقات الواقعية بين الدول ، حيث تفتقد التجربة الاسلامية هذا المعنى ، وتفقد المنطقة هذه القدرات لانها تدور دوما في فلك الانظمة الغربية ،
في الحالة السورية .. 
ليس هناك مؤامرة على سوريا (فالمؤامرة ) أو التخطيط السياسي للقضاء على الاسلام السني الذي لا زال تنبعث فيه روح الاسلام وهو وحده الخطر الحقيقي الذي يخشاه الغرب .. 
الغرب لايخشى من ايران ويعرف كيف يتلاعب بها في لعبة المصالح ، فيجعلها فزاعة لحلب دول الخليج والمنطقة اذا فالامريكي والايراني ليسا صديقين في العلن لكن استعمل احدهما الاخر في ابجديات العمل المنفعي الخالص لتحقيق اقصى حلب .. 
في سوريا هناك دول محيطة اهمها لدى الغرب اسرائيل فاسرائيل ليست الولد المدلل لدى الغرب ، بل هي الغرب ذات نفسه ، وهي الوجه او اليد الضاربة له ، هي المقاتل الوكيل الذي ينفذ ويضرب بعقل الغرب . والحالة السورية قد تهدد مصالح الغرب وخاصة اذا استعملت العمق السني لجمع السنة من جديد بعد تفريقهم ، ولدى دراسة الحالة تبين ان ابمطلوب تدمير سوريا وارجاعها مائة سنة الى الخلف وتشريد اهلها ، والعبث بالنسيج الشعبي ، واشغالهم لعشرين سنة قادمة في جمع الاشلاء والبناء ، وتدمير الجيش والشرطة والامن واي قوة ، وتم الحفاظ على بشار الاسد طيلة تلك المدة لهذه الغاية ، وكان من الممكن ازالته من اول شهر ، لكن المصالح كانت لن تتحقق ، فيجب عليه ان يتم الوظيفة المسداة اليه ، وقد فعل ، فسلم من خلفه تركة ثقيلة وبلد محروقة وآلات مدمرة وشعب مهجر . 
هذا الواقع يناسب الغرب جدا ، والقوى الاقليمية ، ثم ستمد يدها الى النظام الجديد بصيغة اعادة الاعمار والبنى التحتية وعجلة الاقتصاد ، ولكن ضمن شروط ، اهمها شراء البلد ، والسيطرة على الاقتصاد عبر الشركات القابضة لان السيطرة على البلاد تتم عبر اربعة اركان اهمها الاقتصاد ، فاذا ما خرج الحاكم قيد انملة عن القطيع ،تم شد حبل الاقتصاد حول عنقه فيعود مرغما .
لذا فرسالتي للقيادة الجديدة والحكومة القادمة ، مهما طال الاعمار واشتد الفقر لا تبيعوا البلد للداعم  . 
اللهم قنا شر الداعم وشر القادة . 
وقبل أن تعيش جماعة أو أمة نظرية المؤامره وانها محور الكون ليس للعالم وظيفة الا ان يتآمر عليها ، لتصنع من نفسها جماعة أو أمة تستحق اهتمام من يتآمر عليها

مصعب الاحمد بن احمد

bottom of page