
تأليــف الأستــاذ
رئيـــس التحربـــر
نعيـــم مصطفـــى الفيـــل
ثقافة / مسرحية
مسرحيـــة نيـــرون
SHARE

الفصــل الأول
-
المشهــد الأول
(أبو نيرون هو دميتيوس آهينو باربوس واشتهر بالفساد، وأمه هي آفرويبيبن اشتُهرت بمجونها)
(يخرج نيرون إلى النور، ويكثر من الصراخ في مهده).
عند ولادته يقيم الأب حفلاً فاخراً يستدعي إليه نبلاء روما.
الأب باربوس: أرحب بكم يا وجهاء روما لقدومكم لتهنئتي بولادة ابني نيرون، الذي أظن أنه سيكون له شأن، وأعتقد أن فراستي لن تخونني.
أحد الوجهاء النبلاء: نحن نقوم بواجبنا، ونستجيب لقيمنا التي تحضنا على تلبية دعوتكم الكريمة، ونرجو لوليدكم الميمون أن يكون له مستقبل زاهر، وأن يكون جندياً فاعلاً في خدمة وطننا العظيم روما.
باربوس (بفظاظة داعرة): أراهن على أن هذا المولود سيكون في المستقبل خطراً عمومياً مادام عشرة زواجي وآفريبين.
(كان هذا في ديسمبر عام 37 بعد المسيح، وكان الرضيع نيرون أثناء ذلك يصرخ في مهده وكأنه يوافق على نبوءة أبيه).
-
المشهـــد الثاني
(يموت أبو نيرون بعد أن يصبح نيرون غلاماً يافعاً، فتغري أمه بدهائها قيصر روما كلوديوس كي يتزوجها، فتنجح في ذلك بعد إغراءات متواصلة.
أفريبين: أشعر اليوم بأنني أسعد امرأة في العالم؛ لأنني اقترنت بك يا كلوديوس.
كلوديوس: بل عليَّ أنا أن أكون أسعد رجل؛ لأنني قد ظفرت بأجمل وأذكى امرأة، وآمل أن أحقق لك كل رغباتك التي تنشدينها.
أفريبين: أهم رغبة لي أن تبقى بجانبي ولا تبتعد عني؛ لأنني لا أصبر على فراقك ولو للحظات.
كلوديوس: أعدك أن أحقق لك كل ما تودين، ولكن لا تنسي يا حبيبتي أن زوجك قيصر روما، وهذا يتطلب مني أن أبتعد عنك بجسدي، ولكن روحي ستبقى معلقة بك.
-
المشهـــد الثالث
(بعد أن تتمكن أفريبين من إقناع زوجها من هيامها به وعشقها له، تبدأ برسم مستقبل ابنها وهذا هو هدفها الأساسي من زواجها).
أفريبين: صحيح ياكلوديوس أن ابنك بريتاينكوس الذي هو ابني، وأقسم لك أنني أحبه كحبي لنيرون، ولكنني أرى أنه لا يصلح للحكم من بعدك.
كلوديوس: لماذا لا يصلح للحكم، وماهي عيوبه يا زوجتي العزيزة.
أفريبين: أنا لا أقلل من قدرات بريتانيكوس أبداً، وإنما أراه يتمتع بذكاء حاد ولياقة رفيعة ونبوغ قلّ نظيره، فهو يفوق نيرون بذلك ومن دون مجاملة.
كلوديوس: إذاً كيف لا يصلح للقيادة والحكم إذا كان يتمتع بكل هذه المواصفات.
أفريبين: هذه الصفات الخارقة التي ذكرت تؤهله لأن يكون فيلسوفاً حكيماً، أو عالماً فلكياً، أو مهندساً بارعاً، والسياسة كما تعلم يا حبيبي تقتل هذه المواهب.
كلوديوس: أصبتِ يا عزيزتي، فإنني سأسعى لإعداده لما يوافق عقله المتفتح.
(تحقق أفريبين طموحاتها في إبعاد بريتانيكوس عن المشهد السياسي، وتمتع نيرون بكل الامتيازات).
(يبدأ نيرون بالخروج إلى الجماهير؛ من أجل التسويق نفسه كزعيم المستقبل).
نيرون: سأضع جهدي وأبذل كل ما بوسعي كي أحقق العدالة بينكم أيتها الجماهير، وسأحقق لكم الحرية والتنمية الاقتصادية، وسأجعل بلادكم محطة أنظار العالم بأسره، إذا ما رضيتم بي ووقفتم بجانبي كولي عهد ووريث للملك المبجل الذي تولى رعايتي وتربيتي كأب حنون.
(تصفق الجماهير بحرارة وتهتف بحياته).
الجماهير: عاش نيرون، عاش نيرون، عاش نيرون قيصر روما المنتظر.
(يذهب نيرون إلى الثكنات العسكرية ويلقي الخطب الرنانة).
نيرون: أيها العساكر المخلصون الأوفياء لروما لولا سهركم وتضحياتكم وكفاحكم لما وصلت روما إلى هذه العظمة، إنكم العمود الفقري لهذه الأمة، والقلب النابض لها، لولا جهودكم لسرى الظلم بين الناس ولانقضَّ أعداء الأمة علينا كالذئاب، يريدون افتراسنا، لكن هيهات ثم هيهات لهم، لطالما ترابطون على الثغور ليل نهار، إنني إذا ما وصلت إلى سدة الحكم بعد عمر طويل لقيصرنا العظيم، ووجدت مباركتكم لكوني قيصراً عليكم وخادماً لكم، فإنني سأفني حياتي من أجل سعادتكم، وسأرفع من مرتباتكم، وسأشيد لكم القصور الفارهة، وهذا جزء يسير مما تستحقون.
(العساكر يهتفون بحياة نيرون).
العساكر (بشكل جماعي): عاش نيرون عاش نيرون نبايعك على السمع والطاعة.
-
المشهـــد الرابع
(بدأ كلوديوس يتحسس خطط زوجته وألاعيبها مع ابنها نيرون، وبدأ يستفيق من غفوته رويداً رويداً.
كلوديوس: لقد كنت مخلصاً في حبي لكِ يا أفريبين، واعتقدت أنك تبادلينني الحب والوفاء نفسه، لكنني بدأت أشعر أنك تقفين حجر عثرة أمامي أنا وولدي، إن لم أقل تسعين للإطاحة بي من أجل ولدك نيرون.
(يتحدث كلوديوس بغضب وعتب).
أفريبين: لا أصدق ما أسمع يا حياتي كلوديوس يبدو أنك قد أفرطت اليوم في تناول الخمر...
كلوديوس: (يقطع حديثها بسخط) لا لم أتناول الخمر قط اليوم وإني أحدثكِ وأنا في ذروة الصحو والصحة أيتها الجاحدة المتآمرة.
أفريبين: هوّن عليك يا حبيبي فإن عيون الناس والواشين قد اساءهم حبي لك وهيامي بك فراحوا ينسجون القصص والروايات المفتريات من أجل أن تتخلى عني وولدي، وأقسم لك أنني كما عهدتني زوجة صالحة وفية صادقة تعمل ليل نهار لتثبيت حكمك ونجاحك، وإن ولدك هو بمثابة ولدي إن لم أقل أفضِّله عن ولدي.
(يجلس كلوديوس على الكرسي فتدخل إلى المطبخ وتخرج له كوباً من العصير).
أفريبين: لقد صنعت لك هذا الكأس من العصير بيدي يا حبيبي (تبعد الخدم عنها وتصنعه بيدها)، حتى أهدئ من روعك وحنقك (ثم تقترب منه بدلال وغنج وتناوله العصير بيدها إلى فمه مرافقة ذلك ببسمة ومداعبة).
كلوديوس: لعلّي قد ظلمتك يا أفريبين بهذه التهم، ولكن الناس قد أوغروا صدري إزاءك فأرجو أن تسامحيني.
أفريبين: إذا لم أسامح زوجي وأقف بجانبه عند الشدائد فإني إذاً امرأة سيئة.
(يبدأ النعاس يظهر على كلوديوس ويتلوى، ثم يغشى عليه، ثم يقع جثة هامدة).
تصرخ أفريبين متظاهرة بالحزن والبكاء فيجتمع الخدم والحشم، والحرس، تذكر مناقب الفقيد زوجها العزيز وهي تبكي بصوت عال، يُحاول الحرس والخدم عزاءها والتخفيف من هول المصيبة عليها.
الفصـــل الثانــي
-
المشهـــد الأول
ينعى نيرون الأمة الرومانية برحيل القيصر العظيم كلوديوس، ويعلن تنصيب نفسه قيصراً وسيداً للعالم في السابعة عشرة من عمره.
أفريبين: مبارك عليك يا ولدي مفاتيح قصر القيصر وتربعك على عرش روما إن لم أقل على عرش العالم.
نيرون: هذا بفضل حنانك وعطفك ودهائك يا أمي العزيزة.
أفريبين: أنا على ثقة أنك ستكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقك بالرغم من صغر سنك.
نيرون: ولدك يا أماه وُلد ليكون قيصراً، وُلد ليسود العالم، صحيح أن سني صغيرة، لكن عقلي كما تعلمين كبير، فأنا أمتلك حكمة الشيوخ وهمة الشباب سأجعل سكان روما وطنيين خادمين عبيداً لي.
أفريبين: ثكلتك أمك لولا لم تكن كذلك، ولكن لديك الآن عقبة خطرة على أمنك وملكك وينبغي عليك أن تتخلص منها؛ حتى يصبح الطريق أمامك نظيفاً من كل مشاكس.
نيرون: لا يوجد رئيس كبير في مملكة ابنك، ولا يوجد صوت ولا سوط يعلو فوق صوته وسوطه، أفصحي عن هوية هذا الإرهابي حتى أفصل رأسه عن جسده فوراً.
أفريبين: هوّن عليك يا ولدي، وكن حليماً، ولا تكن متهوراً فمن صفات الزعيم الناجح أن يتحدث بهدوء ودبلوماسية وبكلام معسول، ثم يأمر حاشيته بالإجهاز على منافسيه وبطريقة غير مباشرة، ويلصق موته بجهات خارجية عميلة.
نيرون: كلامك حكم يا أماه وسأسعى لتطبيقه، والآن قولي لي من هو ذاك الآبق.
أفريبين: إنه بريتانيكوس، ذاك الذي يتحين الفرص للانقضاض عليك، ويعتبر نفسه أنه أولى بقيادة روما منك.
نيرون: لا عليكِ يا أماه فأمره سهل، والتخلص منه قاب قوسين أو أدنى.
-
المشهـــد الثاني
(نيرون يكلّف العجوز "لوكيست" الماهرة بتسميم عشاء غريمه، ولما فشلت في القضاء عليه جلدها بالسّوط حتى لا تفشل في مهماتها القادمة).
يدعو نيرون مجموعة من رجال الدولة ومسؤوليها لحضور مأدبة بمناسبة تصالحه مع بريتانيكوس.
نيرون: أيها الحضور الكريم أزفُّ إليكم نبأً لعله يسعدكم جميعاً، وهو أنني قررت مصالحة السيد الأخ بريتانيكوس.
بعد أن أغواني الشيطان للتخاصم معه، فتبين لي أنه نِعم الأخ، ونعم الناصح، ونعم المؤازر والمعاضد.
بريتانيكوس: لكل حصان كبوة، وأنا على يقين بأن أخي عندما أخطأ بحقي كان في كبوة، إن لم أقل في سكرى، وها هو يعود إلى رشده ومعدنه الأصيل وبياض قلبه.
(كان نيرون قد أعدّ سمّاً ل برتيانيكوس، ثم صبَّه بيده في قدحه مظهراً التودد والتقارب واللطف، وقد شرب الطعم بريتانيكوس وبعد قليل سقط مغشياً عليه).
الحاضرون (يصيبهم الهلع): ماذا حدث لأخيك يا سيدي نيرون؟! إنه كان يبتسم ويضحك ما الذي أصابه! أحضروا الطبيب أنقذوا حياته!!...
نيرون (بأعصاب هادئة): اطمأنوا ولا تجزعوا فهذه الحالة عارضة وتصيب أخي بين الفينة والأخرى، أيها الحرس تعالوا وخذوا أخي إلى فراشه أرجو له الصحة والعافية.
(يأتي الحرس وينقلون أخاه إلى حجرة في القصر ويمددونه في فراشه).
وبعد ثلاثة أيام يعلن نيرون وفاة أخيه، ويعلن الحداد عليه لمدة ثلاثة أيام ويتفرد بحكم البلاد هو وأمه.
نيرون: لقد حققت أمنيتكِ يا أماه وتخلصت من آخر عقبة أمامي، وسأرسم الخطط المستقبلية لكيفية قيادة البلاد.
أفريبين: وهل كنت في يوم من الأيام إلا وأشاركك في فرحك وترحك، وإني لأنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، وأعمل له منذ أن تزوجت كلوديوس، فحبي لك هو الذي دفعني للارتباط به وليس حبي له.
نيرون: أعلم ذلك يا أمي، وإني لأبادلك العواطف نفسها وحبي لكِ يدفعني لأن أرفع يدك عن الدولة، وأفرد لك فريقاً من الخدم يسهر على راحتك، ويحقق لك كل ما تشتهين، فقد وهن جسمك من أجلي وآن الأوان لتصلي إلى شاطئ الأمان، وأنت مطمئنة، فقد بلغ ولدك قمة نضجه في السياسة والقيادة.
-
المشهـــد الثالث
(يجلس نيرون مع معلمه ومربيه الفيلسوف الروماني العظيم سيناك ويأخذ عنه ويحاوره).
نيرون: لقد أضناني التعب يا سيدي من أعباء المسؤولية الملقاة على عاتقي.
سيناك: صحيح أن المسؤولية التي انبريت لتحملها هي مسؤولية تحتاج إلى فريق، ولكنك بذكائك وحكمتك وعبقريتك جدير بتحمّل هذه المسؤولية، فعليك بالشورى واختيار البطانة الصالحة التي تدُلُّك على طريق الخير وتحذرك من الشر وعواقبه.
نيرون: إنني أواصل سواد ليلي ببياض نهاري دون أن يغمض لي جفن؛ حرصاً على شعبي الذي ملكّني رقابه.
الفصـــل الثالـــث
-
المشهـــد الأول
(يتغير مزاج نيرون، ويتحول إلى مجرم مريض ب السادية، ويرسل حرسه إلى سيناك فيأتون به).
نيرون: أهلاً بك يا أستاذي العزيز، كنت أفكر بحكمك ونصائحك منذ أن تركتك في آخر لقاء، لكنني وللأسف توصلت إلى أن تلك الحكم لا تصلح لشعب روما.
سيناك (يقاطع نيرون): لكن شعب روما شعب ذكي ولمّاح، ويمكنك أن تحكمه بالعدل والحرية والديمقراطية.
نيرون (بغضب دعني أكمل): كفاك نصائحاً تؤدي إلى التمرد عليَّ، وقد تضعف من قبضتي إن لم أقل تودي بحياتي، وقد شممت رائحة المؤامرات من الشعب بعد أن أخذت بنصائحك وشرعت في تطبيقها، وتبين لي أنك تريد بي شراً.
سيناك: لم أقل كلمة، ولم أكتب سطراً إلا وأدعو به إلى الخير والحق والحب والجمال.
نيرون: كلامك كالعسل وتأثيره بي كالأسل؛ لذلك أرى أنك تستحق القتل بتهمة الخيانة العظمى.
ولأنك كنت مربياً لي وأستاذاً فإنني سأختار لك ميتة سهلة، فقد حكمت عليك بالإعدام وذلك بأن تنحر نفسك بالوسيلة التي تريد (يُنفذ الحكم بتجرُّعه السم).
-
المشهـــد الثاني
ازداد جنون نيرون وراح يصفي أقرب أقاربه، فبدأ بأمه.
ينادي أحد الحرَّاس ويرسله إلى الشخصية المقربة جداً لنيرون وهو فريدريك، فيأتي فريدريك إلى حجرة نيرون.
نيرون: أهلاً وسهلاً بك يا فريدريك، تعلم أنني أعتبرك يدي اليمنى في كل شيء وأمين سري؛ لذلك سأبيح لك بأمرٍ خطير.
فريدريك: أنا رهن إشارتك يا سيدي، ما الخطب؟
نيرون: لقد تبين لي أن أمي أصبحت حجر عثرة في تسييري لدفة الحكم وتعلم أن النساء – ولو كانت أمي – لا يفلحن إلا في الحب والعشق فحسب.
فريدريك: هل تريد مني أن أقبض عليها وأودعها السجن.
نيرون: هذا لا يحل المشكلة.
فريدريك: ما رأيك أن ننفيها خارج روما.
نيرون: إن أميّ صاحبة شخصية قوية ولا يجدي معها لا النفي ولا السجن، وإنما شيء واحد يغلق الباب أمام شرها ومؤامراتها.
فريدريك: وما هو هذا الشيء يا سيدي.
نيرون: يجب التخلص منها بالقتل.
فريدريك: وما هي الطريقة التي تختارها لننفذها مباشرة يا سيدي.
نيرون: إنها والدتي والدة كما تعلم يا فريدريك تستحق البر والشفقة (يبكي)؛ لذلك قررت أن تكون نهايتها بأسهل الميتات، جرعة من السم القاتل فابدأ بتنفيذ أمري يا فريدريك.
فريدريك يصطحب معه شخصين من الخدم ويأمرهم بأن يعّدوا ألذ وأشهى طعام لوالدة نيرون، فيفعلون ثم يدس السم فيه بيده، ولكنها تكشف اللعبة من خلال ذكائها وعيونها التي تبثها في القصر.
فريدريك: تفضلي هذه الوجبة الرائعة يا سيدتي أفريبين التي أمرنا ابنك البار نيرون بإعدادها، وهي أشهى وجبة عرفتها روما بمناسبة نجاحات ابنك المتتالية في قيادة البلاد والفضل يعود لكِ بالطبع.
أفريبين: شكراً لك يا فريدريك على إخلاصك لابني، وعلى تقديرك دعها وانصرف.
ينصرف فريدريك والخادمان إلى القصر.
فترمي أفريبين بالطعام في النفايات، ويكشف الأمر نيرون فيفكر بخطة ثانية، ويأمر فريدريك مع مجموعة من الحاشية بصنع آلة قاتلة تسقط على فراش أمه أثناء نومها، لكن يكتشف أن الآلة تقتل الفراش الخاوي.
وذلك لأن أحد جواسيسها يعلمها بالخطة.
يأمر نيرون رجاله بصناعة سفينة خاصة متحركة القاع فيفعلون، ثم يتفق معهم على إيداع أمه بها بعد الحفلة التي يقيمها بمناسبة المصالحة معها.
-
مشهـــد جديد
تبدأ الحفلة
نيرون: أيها الوزراء ورجال الدولة المخلصون أرحب بكم في قصري هذا قصر الشعب بمناسبة إعلاني المصالحة مع أمي الحبيبة بعد جفوة وقعت بيننا، وإني لأندم أشدّ الندم على ما فرطت في حق أمي في الأيام السابقة، وأعلن توبتي أمامكم وأعاهدكم أن تكون بجانبي في السراء والضراء وإنني لن أرفض لها طلباً.
(يقدم أمام رجال الدولة، ويقبّل يدي أمه ووجهها مع ذرف الدموع).
وبعد انتهاء الحفلة يرسلها للتنزُّه، ويقول لها إنه قد صنع لها سفينة خاصة هدية منه لتسامحه، من عقوقه فيما سبق.
تمتطي الأم السفينة بمساعدة الحرس وبمرافقة بعضهم.
وما إن تسير 200 م حتى تسقط من قاعها، ولكنها كانت ماهرة وحاذقة بالسباحة، فاستطاعت أن تصل إلى الشاطئ بأمان وتنجو من مكيدة نيرون وتعود إلى منزلها، وعندها ينفجر نيرون غضباً، ويرسل فريدريك وبعض حرسه لقتلها بتهمة الخيانة الكبرى، وتتم العملية ويُسرّ نيرون بخبر موتها، ثم يتوجه نيرون إلى أقاربه فيستأصلهم واحداً تلو الآخر.
يرسل إلى عمته الحرس برئاسة فريدريك حتى يقتلوها في فراشها، يُقرع الباب، العمَّة تفتح الباب.
فريدريك: عمتِ صباحاً يا عمة نيرون دوميتيا.
دوميتيا: أهلاً بك يا بني إني أرى مسحة حزنٍ على وجوهكم، هل حصل شيء لنيرون؟
فريدريك: لا لم يحصل له شيء إنه بخير وصححته قوية، ولكنه أرسل إليك هدية.
دوميتيا: وما هي هذه الهدية يا بني؟
فريدريك: هكذا على الباب لا يمكننا أن نقدمها لك.
دوميتيا: تفضلوا إلى الداخل.
يدخل فريدريك ويقول لها (وهو يبتسم): قال لنا نيرون لا تقدموا الهدية لعمتي حتى تستلقي على الفراش وتغمض عينيها.
دوميتيا: (وهي تبتسم) ثكلتك أمك يا نيرون كم تحب المزاح!
تستلقي وتغمض عينيها.
يبادر أحد الحراس بأمر من فريدريك بقطع عنقها.
-
مشهـــد جديد
يتقدم نيرون لخطبة زوجة رجل من مملكته يُدعى قسطنطين.
نيرون: قيصر روما بعظمته يا قسطنطين يتقدم للزواج من زوجتك فماذا تقول؟
قسطنطين: ليس من الشهامة والنخوة والمروءة أن يتقدم القيصر للاقتران بامرأة متزوجة وعندها أولاد.
نيرون: ألقيصر روما يُقال هذا الكلام؟!
أيها الحارس افصل رأسه عن جسده.
الحارس: أمرك سيدي. ينفذ الأمر.
ثم يتوجه لزوجة الضحية ويقول لها ماذا تقولين في زوجك الجديد نيرون؟
الزوجة: تبت يداه ما أقبح فعاله!
يأمر نيرون بقتلها مباشرة.
ثم يتخلص نيرون من زوجة أخرى بعد تطليقها بالطريقة نفسها، ويتخلص من زوجة غيرها أيضاً في حالة غضب، ويوغل في القتل وسفك الدماء إلى حد لا يُطاق، ولا يكتفي بذلك، بل يتوجَّه لحرق روما؛ لأنه نظم قصيدة مطولة عن حريق طروادة بآسيا الصغرى، فلم تلاقي من النجاح والاستحسان بعضاً مما كان يرجوه، فظن أن عدم رؤيته حريقاً هائلاً حقيقياً هو السبب في سقوطها هذا، فيأمر بعض حرسه بحرق جزء من روما؛ ليستعين بما يشاهده في حريقها على وضع منظومته للمرة الثانية في قالب مستحسن.
يصعد نيرون إلى سطح قصره بعد أن أمر بحرق جزء من روما، وينظر إلى ألسنة اللهب وهي تحرق الرجال والنساء والأطفال، وهو يعزف على آلة موسيقية ويتغنى ببعض أبيات الإلياذة لهوميروس قائلاً:
أنشدينا، ربة الشعر الجميل، عن غضب أخيل بن بيليوس، الغضب الذي أوقع الأوبئة الكثيرة في جيش الآخيين.
فكم وكم من نفوس المقاتلين الشجعان أسرعت هابطة إلى هاديس، بيت الموتى، وكم من بطل صار جثمانه فريسة الكلاب.
فأرسل طاعوناً على الجيش وانتشر الوباء بين الناس؛ لأن أتريوس أهان كاهن أبوللو خريسيس، وحضر خريسيس الآن إلى سفن الآخيين لتحرير ابنتهن حاملاً معه فدية كبيرة، كما أنه رفع بيده صولجان أبوللو، المظفَّر بإكليل.
-
مشهـــد جديد
نيرون يرسل حرسه إلى كاهنين مسيحيين ويأتي بهم إلى القصر.
الكاهن الأول فرنسيس، والكاهن الثاني أوروليوس.
نيرون: ماذا صنعتم بروما بلدكم الذي تعيشون في ربوعه، وتتنعمون بخيراته أيها الشيطانان.
الكاهن فرنسيس: نحن لم نصنع شيئاً، وإنما زبانيتك هي التي أحرقت البلاد، وإن مبادئنا تدعونا إلى السلام والخير وليس إلى الإجرام.
نيرون: تريدون أن تنشروا دينكم بالقوة والإرهاب أيها المجرمون.
أوروليوس: نحن دعاة سلام، ولم نكن في يوم من الأيام دعاة حرب وسفك دماء، أنت تعرف جيداً من قام بهذه الفظائع التي يندى لها جبين الإنسانية.
نيرون: كنت أعتقد أنكما ستعترفان بجريمتكم النكراء وأخفف عنكما من الحكم، لكن يبدو أنكما وقحان؛ لذلك قررتُ أن أُنكّل بالمسيحيين وأستأصل شأفتهم حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر، يسجن ويعذب ويقتل الكثير من المسيحيين خاصة، ومن الشعب الروماني عامة حتى يضيق به ذرعاً كل المواطنين، فيجتمع ذوي الشأن من رجال المملكة ويقررون عزله ومحاكمته.
فيُحكم عليه بالقتل شر قتلة.
حيث يجتمع عليه مجموعة من الجنود ويقطّعونه بسيوفهم قطعاً، ثم يرمون بتلك القطع إلى الكلاب.