سكت دهرًاونطق فجرًا !!
هكذا تقول العرب فيمن يسكت طويلا ثم يتكلم فيكون كلامه أقبح من سكوته !
لم نستغرب تلك الأصوات التي تتعالى اليوم وهي ذاتها التي سكتت بالأمس عن مجازر النظام الساقط ، وهو يدرك المدن ويستعمل في ذلك كل الأسلحة التدميرية ، ويرتكب المجازر بحق المدنيين والعزل ، ثم تقوم طائفة أقلية انفصالية من فلوله مدعومة من الغرب وبعض الأعراب ، لتقوض إرادة شعبية ، تمثل أربى من ثمانين بالمئة من البلاد ، محاولة مصادرة رأي الأكثرية ، كما فعلت فيما مضى ، والتعدي على الحريات وانتهاك الدين واستباحةالعرض وبيع الوطن ، تقوم هذه الفئة بالاعتداء على قوات الأمن الذي عفا عنهم بالأمس ، وأمنهم ، وقام ليحرسهم ، ولو كان غيره لشرد بهم من خلفهم ولعلق المشانق على أبواب دمشق السبعة ، وفي ساحة الكرامة وسعد الله الجابري ، ولرأيت ثم رأيت هؤلاء يتعرضون لأعمال انتقامية لا حصر لها ، ولكن من أمن العقوبة أساء الأدب ، إذ ماجزاء من يشق عصا الطاعة ويفارق الجماعة ويريد تقويض إرادة الأمة إلا أن يصلب أو يقتل أو تقطع يديه وأرجله من خلاف ؟
ومع ذلك لم يأخذ أمننا الأبرياء بجريرة المجرمين كما فعل المجرمون ، فلم يقصف المدن ولم يشرد الناس ولم يذبح الأطفال ولم يجوع ويعطش ويسجن الأبرياء ، بل مارس منتهى ضبط النفس وتعامل بحذر ووعي كبير ، انطلاقا من تعاليم الإسلام وطاعة لقياداته .
قامت هذه الشرذمة الإنسانية بشنشنتها المعهودة وارتفعت لديها مؤشرات النخوة والغيرة والإنسانية المفاجئة وراحت تبكي وتندب مصارع المجرمين !
صه صه ..
قليلا من الحياء وشيئا من الخجل
إن حق لغيركم أن يتكلم ولا حق له ، فلا يحق لكم أنتم بالذات ..
لا تكونوا يهودا أكثر من اليهود
الذين انتقدوا مجازر حماس كما يسمونها قامت أصوات يهودية تقول هذه ليست مجازر بل ردا على انتهاكات ومجازر كثيرة مارستها قوات الاحتلال .
كتبت إحدى العلويات " أنت وحظك ع الحاجز "
(هي العبارة التي يرددها الجميع هنا عند السؤال عن الأوضاع الأمنية في الساحل بعد ثلاثين يوماً من الهجمات الدامية. قد يسألك "الحاجز" عن دينك، وقد لا يفعل قد يهينك وقد لا يفعل، قد يفتشك وقد لا يفعل، لكن الاحتمال قائم، مهما كان ضئيلاً، الاحتمال قائم، وإن كان واقع الحواجز والحق يقال، أفضل مما كان عليه قبل أسابيع قليلة.
مدن الساحل الأكثر حيوية أضحت مدن أشباح بعد السادسة مساء. لا أحد يخرج من بيته، لا أحد يريد أن يخاطر باحتمال تعرضه للإهانة بأحسن الأحوال، أو للتصفية في أكثر الاحتمالات ظلمة.
تقضي الناس جل وقتها في البيوت، وأهل القرى لا يتركون قراهم نحو المدن إلا للحاجة الملحة، المدن معطلة اقتصادياً. تستطيع وأنت تمشي في الأسواق أن تشم رائحة الخوف في الشوارع، كشبح غير مرئي تنحني له أكتاف الجميع. الأمن على الحواجز خائفون والمدنيون مثلهم خائفون رائحة الدم قوية وضجيجه أقوى رغم الصمت الجارح.
لازال أهل المدن والقرى في الساحل يتحدثون عن المجازر بصوت منخفض، يتلفتون حولهم بتوجس وهم يحصون أسماء الضحايا. يجمعهم فقر جارح وبحث يائس عن مخرج للهجرة خارج البلاد. مذعورون من أن يُترك المدنيون لمصيرهم في مواجهة العسكر أن يتم احتساب كل هذا الجمع البشري ظلماً على "الفلول"، تلك الصفة الفضفاضة التي تخلط الطائفي بالسياسي بالطبقي بمغالطة مقصودة أو غير مقصودة.
كلنا يعلم ألا حل عسكري أو أمني دون حل سياسي ومجتمعي صريح، ولا يمكن أن يستمر الحال هكذا إلى مالانهاية. إن لم تقم الحكومة بخطوات ملموسة تطوي هذه الصفحة وتضع حداً لهذا الاستقواء الذي لا جدوى منه سنبقى نعيش صدى المجزرة وضجيجها المكتوم، تماماً كما فعل أهل حماة بعد مجزرة الثمانينات، ظلت المدينة آنذاك وأهلها ناراً تغلي تحت رماد الخوف دون توقف لعقود. كان يكفي أهالي حماة آنذاك تضميد الجراح والمحاسبة وإزالة وصمة العار الكاذبة عبر التفريق الصريح بين المدنيين الأبرياء والعصابات التي حملت السلاح في وجه السلطة، وهو ما سيكفي أهل الساحل اليوم على الأقل في المرحلة الحالية، وإلا فإننا سندفع جميعاً ثمن هذه الجروح العميقة ولسنوات طويلة، ودون طائل)
أيتها السيدة :
عندما تكون مؤيدا للإجرام ، ومشاركا فيه ، ومتهما بسفك الدماء ومقدما أولادك وصلاوتك للطائرات التي تهتك ستر المدن مستقويا بالروسي والإيراني والصيني ، أو على الأقل ساكتا عن المجازر بحق إخوانك فقط لأنهم أهل سنة ، وتقيس حماة على الساحل فأنت أحمق ..
بل أحمق وفاجر لأنك تسوي المجرم بالضحية
في حماة قتل ٦٠ ألفا مدنيا على أقل تقدير وهدمت مساجد وبيوت فوق رؤوس ساكنيها ، في سوريا قتل نحو مليون شخص جلهم من الأبرياء فقط لأنهم أهل سنة ، ولو أراد المنتصرون اليوم أن يفعلوا واحدا بالمائة مما فعلها نظامك وأبرياؤك لفعلوا .
نعم هناك أبرياء لكنهم قلة قليلة لاكما يحلوا لكم أن تصوروهم وهم ساكتون قديما فلم ينطقون الآن؟!
حتى مرتكبو الجرائم يصولون ويجولون دون حساب بل وفي وظائفهم ، فأي دولة هذه التي تترك هؤلاء وتركز فقط على حملة السلاح ، حملة السلاح انتحاريون بكل المقاييس .
الدولة لا تريد عدالة انتقامية بل عدالة انتقالية .
من الصعب تصديق السردية التي تروج بأن الثوار والقوات الأمنية يقتحمون بيوت المدنيين في الساحل لمجرد الاقتحام والانتقام، ويقتلونهم لمجرد القتل والثأر.
لماذا لم يفعلوها طوال سنوات الثورة؟
ولماذا لم تحدث خلال الأشهر الثلاثة الماضية؟ ما جرى هو أسلوب النظام وأتباعه، وليس من نهج الثورة ولا من يريد بناء الدولة. ولا أستبعد أن أطرافا ترتكب الجرائم بعد خسارتها امس، في محاولة لصياغة سردية إبادة الأقليات، واستجداء الدعم والتعاطف الدولي وهي شنشة معروفة .
الثوار لا يفعلونها ولا يلامون بفعلها إن عاقبوا المجرم ، وإن حدثت هذه الانتهاكات والجرائم بحق الأبرياء وما أقلهم ، فنحن أول من سيدينها ونحاسبهم عليها بلا تردد أو رحمة. لكن السؤال الحقيقي: هل ارتكبوها فعلا؟
لم لم يرتكبوها في مزة ٨٦ وحي التضامن وقرى حماة العلوية ؟ وعش الورور وحي تشرين الذي يمتلئ بالعلويين ؟
جميلة الإنسانية إن كانت تمارس بعدالة وإنصاف أما أن تكون لأناس دون غيرهم فهي ليست إنسانية بل انحطاط بمرتبة الشرف
قلتم لنا سابقا من لم يعجبه النظام فليرحل والأسد أو نحرق البلد وسنقتلكم أو نحكمكم ، ونقول لكم لسنا مثلكم ( فقط اجلسوا بأدبكم وإياكم وشق عصا الطاعة، وانتظروا وتعلموا جيدا كيف تدار البلاد وكيف تكون العدالة والحرية والكرامة ..
🪶مصعب الأحمد بن أحمد