مصعب الأحمد بن أحمد
سقب
14/11/2024
تحاول كل الأنظمة الاستبدادية الشمولية ،وكذا رئاسة الأحزاب والجماعات والطوائف أن تلعب بالرأى العام ، وتعبث بالمصطلحات ، وتلهي الجمهور ، لغرض صرفه عن الكلام في السياسة من خلال الأفلام والمسلسلات وبرامج الحوار التي تنتقد الخدمات والمسؤولين والدولة والقضاء والفرعيات !
- ولكن أليس هذا كلاما في السياسة ؟!
- لا يا عزيزي !! هذه السياسة ليس عليها حظر ولا يركب منها الخطر ، وليقل فيها من شاء ماشاء .
لما اجتمع الوجهاء مع بشار الأسد إبان الثورة السورية ، افتتح الأسد اللقاء بقوله أنا مستعد لسماع أي شيء وأي انتقاد من أعلى الهرم إلى أدناه .. وفعلا كان يريد ذلك ، ما دام الكلام بعيدا عن نقطة الرحيل عن السلطة ..
نقطة "الحكم" لا جدال فيها ، ولا مزاح ، ولا نقاش ولا رأي ، هنا منطقة محظورة تطير دونها الرؤوس وتطيش فيها الصحف ، وتؤخذ فيها الألباب .
وعندما اقترب منها أحدهم صار وجه الأسد ملونا وحلت على الرجل سحائب الغضب ..
هذه السياسة المحظورة التي لايريدون لك أن تتكلم بشأنها ، ولا أن تطالب بها ،
ثم ان هناك غضبا عابرا للقارات إذ إن هذا المنصب له مشغلوه ، والمشغلون مستعدون أن يتزلوا إلى الأرض ببوارجهم لحماية الموظف الذي يجلس على الكرسي إن اقتضى الأمر ..
انتقد من تشاء لكن لا تقترب من جلالة الملك أو السلطان أو الرئيس أو الأمير ..
والعجب العجيب كيف يصلح أمر الجسد إن كان الرأس عقيما فاسدا مختلا ساقطا عميلا ...
ولكن هل القتل و السرقة والفساد والرشوة والعمالة والفقر والاستغلال والظلم وبيع البلاد الذي يقوم به المسؤولون والموظفون في الدولة سوى نتيجة لرأس فاسد ونظام حقير وسلطة عليا مرتزقة ؟ !
متى سننتهي من العبث بالألفاظ ونسبة الأشياء الى غير فاعليها .؟..
أي بني :
هناك قواعد عاملة يجب أن تعرفها :
أولا : لا تتحمس كثيرا مع التصريحات السياسية القوية للحاكم أو المسؤول لأن السياسي الذكي يقصد العكس تماما في الغالب ..!!
أي : الأشياء التي يرفضونها فيتصريح سياسي قوي يسمعه الجميع ؛ وترن له المنابر وتضج به الصحف ، الحقيقة هم موافقون وموقعون عليها في الغرف المظلمة وتحت الطاولة ، وليس التصريح إلا مجرد عبث وإلهاء للقطيع بعلبة البرسيم ..
ثانيا : الحوارات الإعلامية القوية بين أهل الدولة نفسها مع شد وجذب حول القوانين والتشريعات والأنظمة والغلاء والصرف !
وهم يعرفون أنّ كل خلاف يخرج للعلَن يصْعب حلُّه! أمر مقصود ..
وفي الحديث ( إستعينوا على قضاء حوائجكم "بالكتمان")
هم يستعينون على قضاء حوائجهم "بالإعلام"!لأن الغرض إشغال الرأي العام وليس تغيير الوضع العام .. .
ثالثا : إنك تقرأ في المادة 65 من دستور البلاد : للمواطن حرية التعبير والدولة تكفل له أن يعبر و يقول أو يكتب أو يصور ماشاء دون رقيب أو حسيب ..
هذا الكلام موجود في الدستور نعم ، لكنه ناقص! وما أظنه النسيان ،
وتتمة الكلام ( مالم تتناول الرأس والحكم ) وإلا عندها ستضمن له الدولة السحل والتعذيب والتشريد والسجن والقتل أو الطرد والملاحقة .
رابعا : انتقد التقصير أو الأداء واطرح الحلول الإيجابية وناقش بطريقة منطقية علمية مبنية على معرفة ودراسة ودراية وإطلاع وفهم
فهذا حقك المشروع ، والمكفول بموجب القانون وفيه مصلحة وإصلاح.. ومطلوب ومرحب به .. والواقع يشهد والأمثلة كثيرة ..
ولكن أن تنتقد الحكم والرئيس فأنت تسعى جاهدًا لتشويه صورة وطنك وتقزيم منجزاته والاستهزاء بكل حراك أو جهد أو قرار دون حس بالمسؤولية ولا أدنى درجات الروح الوطنية...
ومحاولة تخذيل وبث ونشر روح التشاؤم والإحباط بين أفراده ، فأنت خائن وعميل وطابور خامس ..
وتكون قد وقعت في المحظور وكشفت المستور
وما تحمل نفسك من لؤم وقبح وسواد...
فلا أعذار لك ولا مبررات لدناءة فعلك وسوء منبتك ، وخبث طويتك .. وقد بلغت أعلى مراتب الخيانة ..
لأن الخيانة تشمل أي فعل قد يضر بسمعة البلاد أو يضعف من إنجازاتها بنقل الصورة السلبية عنها أو التقليل من شأنها..
والذي قد يؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطنين ويعزز مشاعر الأحباط والعداء اتجاه الدولة..
خامسا : كل ما سبق في بعض الدول التي تتدعي الحرية والمساواة والديمقراطية ، ولكن البعض الآخر ليس كذلك فقد أصبح من المسلمات أنه من الممنوع أو من الخيال أن تطالب فيها حكومتك الرشيدة حتى بالشفافية والمساءلة
ومطالبة المسؤولين بتوضيح أسباب عدم الاستجابة لبعض المطالب ، لأن هذا سيجر إلى انتقادك لما هو أعلى منها وما أدى إلى محال فهو محال فالزم بيتك وأغلق فمك ..