مشاريع لم تكتمل ..ما أحلى حماس البداياتطاقة تنبعث في الانسان بسبب محاضرة أو فكرة أو كلمة سمعها ، ثم يعزم على تنفيذها وتغيير نفسه ليحقق الاهداف التي يرنو اليها ، ويكون الرجل الخارق والعالم الفذ والطبيب الحاذق ، وفعلا يبدأ بهمة ونشاط ثم ماهي إلا أيام .. يسمع نصيحة المدرس في لزوم الحفاظ على الوقت فينظم برنامجا لا يخرم فيه دقيقة إلا فيما ينفع ، ثم ما هي إلا أيام .. يطلب الطبيب منه أن يمارس الرياضة ويخفف الوزن فيسرع الى الجيم ، ويشترك ، ويقبل بهمة ونشاط ، ثم يصاب بالفتور ، فيقرر ان يقيم التمارين مناصفة بين الجم والمنزل ، ثم تكثر الايام في المنزل ، ثم يقرر ترك الجم ويشتري جهاز المشي للمنزل ، ويستمر عليه بشغف ثم يقل الشغف ليصبح الجهاز أحد المنسيات ودليلا ملموسا على مشاريع لم تكتمل .. يقرر أن يهتم بعمله ويوسع علاقاته وتجارته ، ويعني بنفس الوقت ببيته وزوجته ، ثم لا تمر ايام حتى يهمل الاولى ويهمل الثانية ويعود سيرته السابقة .. يسمع أن القراءة مفيدة وترفع الانسان وتنمي العقل ، وتفتح مغالق الوعي ، فيقرر أن يقرأ ويشتري الكتب ، ويدخر لأجلها ويبدأ بذاك الشغف المعهود ثم ماهي الا أيام . ينوي الحفاظ على السنن والفرائض وصلاة الجماعة والاذكار وقراءة القران وانها طريق الجنة وسبيل السعادة وهذا رمضان شهر المغفرة ، يمر رمضان ، وتفتر الهمة ويصبح الفرض ثقيلا عليه ان اداه في المنزل .. خلق الانسان ملولا ، فتورا ، تتنازعه الاهواء والشهوات وتتناوشه الشياطين ولكن !لكن لماذا ينجح البعض ، ولا ينجح كل الناس ؟ لان هناك كلمة سر لدى الناجحين وهي أن المشاريع التي بدأوها قد ( اكتملت ) .. يحثنا الاسلام عن الصبر وأهميته وعظيم أجر الصابرين ، ونفهم الصبر فقط على المصيبة ، لكن هناك صبر عظيم لا ينتبه له الكثيرون هو ( الصبر على الطاعة ) على العمل ، على الانجاز ، على الاهداف . الفيصل بين الرجلين أن أحدهما تعلم ان يكمل مشاريعه ويصبر عليها ويروض نفسه على الانجاز ، والآخر لم يفعل . أحدهما أدرك الغاية فسهلت عليه الوسيلة والاخر لم يفعل . أحدهما جاد ملتزم صبور والاخر ليس كذلك . أحدهما لم يستجب لخطط مرتجلة لا تواكب تطلعاته ولا تنظر نظرة بعيدة الأمد ، وتفهم القدرات مع المرحلة والتحديات . لا يمكن لأي أنسان أن يقرر شيئا في لحظة صفاء دون أن يعي قدراته ويحدد أهدافه وتتقن فن التخطيط ، كثيرون نعم دخلوا الجامعات ولكن لم يتخرجوا كلهم ، كثيرون بدأوا مشاريع مبتورة ولم يكتب لها النجاح والاستمرار فالقوا اللائمة على الظروف والشيطان . كثيرون بدأوا حياة زوجية لكنها انتهت بالاخفاق والفشل .. كثير من الانجازات والاختراعات والمؤلفات والأعمال العظيمة لم تتم لان أصحابها فشلوا في الاتمام . ولكن ماذا يعني لو تمت المشاريع على صغر الخطوة ؟ يعني ان المائة صفحة مطالعة كل يوم ستشكل بعد ثلاثين سنة مليون وثمانين ألف صفحة قرأها الانسان . يعني ان العشر كلمات التي تتعلمها من لغة جديدة يوميا سيجعلك تتكلم اللغة الجديدة باتقان بعد سنتين فقط . الرياضة اليومية لمدة ساعة ستحول الجسد الى جسد سليم صحيح، نشيط ، ذا همة ونشاط ،حيث لا مكان للترهلات والدهون والأمراض . وكل عادة جيدة تحتاج الى صبر وتحمل والزام والتزام . وايضا التدخين ، تركه على مراحل وقرار التوقف يعني حياة صحية وعقل سليم وجسم نظيف . وكذا العادات السيئة .. فرق بين كلمتي: (أكملت )و(أتممت)﴿الْيوْم أكملتُ لكمْ دِينكم وأتممْت عليكمْ نعمتي﴾أكمل الامر : أي أنهاه على مراحل متقطعة ، بينها فواصل زمنيّة﴿ولِتكْملُوا العِدة﴾أتممتأتم الأمر : يجب أن لاينقطع العمل حتى ينتهي﴿أَتِموا الصيام إِلى الليْل﴾لا معنى لصيام بلا اتمام .. ولاانتاح بلا اكمال .. لو ان محمدا بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يتم لنا الامر لانتهى الامر ولم يتعدى حدود مكة ، لو ان الصحابة جلسوا يلعنون الزمن ويبكون التاريخ لما فتحت بلدة في شرق الارض ولا غربها ، لو ان علماء البلاد لم يتموا اعمالهم لما بنوا حضارة من اعظم حضارات التاريخ كان الاوربيون يتغنون بها إذا درس احدهم في الاندلس أو بغداد لم يكتب ذاك التاريخ على ضفاف الانهار وتحت ظلال الأشجار بل باللحم والدم والسهر والنصب والجهد العظيم والتضحيات الفذة . أي أخيّ : لا تحول حياتك لبقايا أشياء لم تكتمل ، فالناجحون هم الذين يكتبون التاريخ .. نعم ليس من طبع الحياة تمام الحظوظ ، فليس ثمة فشل مطلق ولا نجاح مطلق ، هناك ظروف فرضت عليك ، هناك عقبات تواجهك لا تملك لها ردا ، هناك عواصف لايمكنك مجابهتها ، لكن ثمة أيضا أشياء بمقدورك أن تفعلها اذا وجدت الارادة والعزيمة والاستمرارية والتخطيط .

 

مصعب الاحمد بن احمد