top of page

مقالات - ثقافة

  • Instagram
  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn
  • YouTube
  • TikTok

الموضوعية – الحيادية – المهنية– التحّيز -
والإعلام.

نعيم مصطفى

pngegg-96-1024x573.png

سقب

13/11/2024

بعد ثورة الاتصالات، والانفجار التكنولوجيا الذي شهدناها مطلع القرن الحالي، نجد أنفسنا بحق أننا أصبحنا نعيش ضمن قرية تجمع /8/ مليارات إنسان، فإذا ما أردنا التواصل مع أي شخص وفي أي مكان ما علينا إلا أن نضغط بعض الأزرار وبظرف دقائق بل ثوان حتى يظهر الشخص أمامنا بصوته وصورته، هذه الطفرات والقفزات في هذا الحقل جعلتنا أمام قنوات وإذاعات، وصحف ومواقع تكاد لا تحصى، وإذا ما أردنا التعاطي مع هذا الكم الهائل من التدفق المعرفي، وهذا الفيض من وسائل الإعلام، فعلينا التوخي، والتحري، والحذر؛لأنها تدلف جداولًا من المعلومات والأخبار، الصحيحة والمزيفة، الغثة والسمينة، وفق الأجندات التي تتصل بها أو تمثلها.
وإذا ما أراد أي شخص من المتلقين على اختلاف مشاربهم تقييم وسيلة إعلامية ما، فإننا نجده ينعتها بالموضوعية، والمهنية والحيادية مادحًا إياها، أو يصمها بالتحيز، والهوى واجتناب الموضوعية قادحًا إياها.
ولا بد لنا من تحرير تلك المصطلحات حتى نصل إلى مرجعية نعتمدها،  من أجل  فرز الإعلام الأخلاقي،والناجح عن الإعلام المزيف والفاشل.
الموضوعية: مصدر صناعي من موضوع، وموضوعية حكم خال من أي تحيّز خاص.
والموضوعية تعريفًا: هي أن تصدر أحكامك حول الواقع منزهة عن الرغبة والهوى، ومن ثمّ الموضوعية هي صفة للأحكام وليس صفة للواقع، لأن الواقع موضوع مستقل عن الذات.
أما الحيادية: فهي لغة: اسم منسوب إلى حياد، غير متحيّز.
غير متحالف مع أية دولة أخرى، أو كتلة، أو جبهة ما، أو أشخاص متخاصمين.
والحياد تعريفًا في موضعه: موقف عارض يسلكه الشخص وقت الحكم بين متخاصمين، أو في مناظرة، أو الإخبار عن حدث، أو عند نقل معلومة، ويمكن اعتباره حينها موضوعية النقل، أو موضوعية الحكم بين متخاصمين.
وفي غير موضعه فهو: إما موقف غير أخلاقي، أو موقف اللاموقف، وهلامية ولزوجة لامعنى لها، ولا قيمة لها.
المهنية: مصدر مَهَن مِهنَة، عمل وظيفة منتظمة وخاصة لشخص مناسب ومؤهل لهذه المهنة.
تعريفها: هي معتقدات الشخصية المهنية المرتبطة بالسلوك الخاص في الإنسان على اعتبار أنه عضو في مهنته، وغالباً ما ترتبط المهنية بالمبادئ، والقوانين، والأخلاقيات، والاتفاقيات التي تظهر على شكل ممارسات.
أما التحيّز: مصدر تحيّز، تحيّز الحَكَم لفريق بلاده، حاباه، سانده، تحيّز لرأي صديقه: أي وافقه في الرّأي وانضمّ إليه.
التحيزتعريفًا: هو حكم مسبق في موضوع أو قضية خاصة، أو عامة، عادة يكون عن طريق تبني، أو مساندة، وجهة نظر أو عقيدة إيديولوجية.
وهناك العديد من التحيز، منها التحيز التعليمي الذي يأخذ موقفًا صارمًا تجاه نوع معين من التلاميذ وبخاصة التفرقة بين قدرات النساء.
وهناك التحيز الإعلامي الذي يأخذ موقفاً معيناً من قضية ما.
ولو نظرنا بتمعن إلى القنوات، والمؤسسات، والشبكات الإعلامية والصحفيين، لوجدنا أن الموضوعية، والحيادية تكاد تكون مستحيلة، أما المهنية، فيمكن أن يمارسها الصحفي، أو المؤسسات إذا ما أرادوا، ولكن أيضًا تكاد تكون معدومة باستثناء الوكالات العريقة كـ رويترز ومن لف لفها...، فإن أخبارها تلتزم بالمهنية والموضوعية إلى حد كبير.
أما القنوات، والمؤسسات الإعلامية العربية، فهي مع الأسف أبعد ما تكون عن المهنية، والموضوعية، والحيادية.
ولو أخذنا أمثلة على ذلك مثلاً: قنوات العربية والعربية حدث، وسكاي نيوز، والميادين، والمنار، والسعودية24 والقنوات الحكومية المصرية ...لوجدنا العجب العجاب فيما تقدم من مواد، فالافتراء، والتزييف ولي أعناق الحقائق، وبث الأكاذيب، وأشياء لا يمكن تصورها  هو نهجها وطريقها الذي لا تحيد عنه ، فهناك فجور في الخصومة الإعلامية، وإذا ما نظرنا إلى الإعلاميين فإن معظمهم  مع الأسف يدور في فلك الوسيلة التي يعمل بها، وينتقل من جبهة إلى جبهة حسب أهواء الوسيلة، هذا الإعلامي يعتبر مهنة الإعلام مثل حانوت البيع، أما الإعلامي النزيه، وصاحب القضية، وصاحب المبادئ، فإنه يتمسك بقيمه ومبادئه، ولا يمكن أن يتلفظ بكلمة تخالف قناعاته، وأخلاقه؛لأن الإنسان هو المحاسب على كل كلمة ينطق بها، وليس من يعمل عندهم، والطريق السليم الذي ينبغي اتخاذه إذا ما كلف بعمل يخالف توجهاته، وقيمه هو الاستقالة من تلك الوسيلة، والذهاب إلى وسيلة أخرى تتقاطع مع ما يؤمن به، وإذا لم يجد وسيلة رسمية تستقبله ، فإن لديه خيارات واسعة في هذه الأيام، فمنصات التواصل الاجتماعي تفتح له ذراعيها وتمنحه المساحة التي يريدها بكل حرية وديمقراطية.
يقول الكاتب مارك توين: " من السهل أن يكون لديك مبادئ عندما تكون تغذيتك جيدة".
ويقول الروائي نجيب محفوظ: " العقل والمصلحة بعيدًا عن المبادئ قد تنشأ عنهما الكثير من الكوارث".

bottom of page